استاذ عوض ....اخر الرجال المحترمين

كان من النابغين فى دراستهم الابتدائيه والمتوسطه والثانوى العالى عندما كانت الدراسه باللغه الانجليزيه اهلته لدخول جامعة الخرطوم كلية الاقتصاد حينما كانت جامعة الخرطوم لها (الشنه والرنه) والتفوق والرياده ولايدخلها الا من ملك الذكاءوالنبوغ فهم الصفوة من الطلاب ، ولكن طموحات الطالب الجامعى العوض محمد عبدالله ارتطمت بصخرة الواقع الاليم ،ضيق ذات اليد ورقة الحال وضعف الامكانيات الماليه فاثر الانسحاب والتضحيه بالطموح الباهر رفقا بالوالد الذى كان لايستطيع مقارعة امكانيات الدراسه الباهظة التكاليف وهذه قمة البر بالوالد ،انخرط الطالب عوض بسلك التدريس والتعليم اعظم مهن التاريخ واعظم دور للمعلم نظمه الشاعر حينما قال:
أقدم أستاذي على نفس ووالدي وإن نالني من والدي الفضل والشرف
فذاك مربي الروح والروح جوهر وهذا مربي الجسم والجسم كالصدف
فقام الاستاذ عوض بدوره خير قيام، إن وقفة قصيرة مع النفس نتصور من خلالها دور المعلم في المجتمع يجعلنا ندرك ضخامة الدور الذي يقوم به المعلم وعظم المسؤولية التي تقع على كاهله فما هذه الألوف المؤلفة من أولادنا وفلذات أكبادنا إلا غراس تعهدها المعلم بماء علمه فانبعثت وأثمرت وفاضت علما ومعرفة وفضلا .
واذكر حينما كنا صغا را لم نشب عن الطوق بعد نفرح فرحا شديدا اذا جاءت العطله المدرسيه فسيعود الاستاذ عوض الى القريه وتاتى هداياه من النقود المعدنيه كان يعطينا القرش والريال فى زمن عز فيه المال كان جوادا كريما يحب اهله وعشيرته كان اول من استخدم كاميرا للتصوير الفتوغرافى كاميرا روسيه سوداء اتذكرها حتى الان ، كان حينما يعود الى القريه هو ناسج العناقريب والبنابر الاول لايملك مهارته احد ، هو خير من يتقن حلاقة الصلعه فقد كان كبار القوم يستعينون به فى حلاقة الصلعه لان حلاقتو نظيفه ولايجرح ، كان المقدم فى المجتمعات ، حلال المشاكل ورئيس الجوديه من الرجال له كلمه نافذه ورأى لايرد عليه ، كان اديبا متعمقا فى الادب الانجليزى والعربى واشعار الباديه ، ولايغلبه احد فى لعبة السيجه مهما كان ، لايخرج الكلام من فمه الا بعد تفكير عميق ورؤيه ، ليس سبابا ولالعانا ولا فاحش القول والفعل محترما من الجميع فى كل القرى فعلى يديه خرج العشرات والمئات من الطلاب الذين يملاون الدنيا الان فمنهم الطبيب ومنهم المهندس ومنهم القانونى ومنهم الادارى ، طلاب من كل الانحاء ، العالياب ، كلى ، كبوشيه ،الخرطوم ، امدرمان ......الخ كان بيته حيثما حل مفتوحا للضيف وعابر السبيل فقد كريما مضيافا ، ظل الاستاذ عوض معلما لاكثر من ثلاثه عقود ونيف بعدها اخذ المعاش الاختيارى ليرتاح ومارس بعدها الكثير من المهن لستر الحال ، وظل فضله باقيا لدى تلاميذه الذين ينتشرون فى كل انحاء السودان ، وظل فضله باقيا لدى اهله الذين يحملون له فى قلوبهم التحيه والاكبار والاحترام الجميل لفضائله عليهم ولتاريخه الملىء بحسن القول والفعل فهو قامة سامقه وجبل عاتى لايجرفه السيل ولايزال استاذ عوض يعيش بيننا لم يفقد رونقه ولا القه ولا احترامه بين الناس فهو محفوظ المكانه فى القلوب قبل العقول وماثره لاتنسى وفضائله لا يغيبها الزمان ....ربنا يعطيه الصحه والعافيه وحسن الخاتمه