مولانا

لم اعرف له مهنه وانا صغير غير انه كان يعمل فى قهوة عمنا المرحوم محمد الشيخ أبشر أو قهوة الجعليين كما يعرفها رواد سوق امدرمان القديم فى الجزء الشمالى من مسجد ام درمان العتيق ، والذين عاصروا صباه كانوا يقولون انه كان شفتا السكين فى الضراع والعصا الغليظه فى اليد اليمين ،كنت كلما اتى الى القهوه مرورا بكشك خلف الله بتاع الليمون المظبوط اراه داخل الفاصل بين مكان تحضير القهوه والشاى ومكان وقوف الزبون ممتلئا عرقا حتى اخمص قدميه وهو يعمل بنشاط عجيب وود العشا العسيلاتى يجلس فى ماركة الحساب وبعد التحيه والسلام يعطينى كوبا من الشاى الساخن واجلس فى مقعدى وانا أتامل الذين حولى والحاج العسيلاتى فى الخارج منكب على صاج اللقيمات اللذيذ ولايزال ، ظل مولانا يعمل فى قهوة الجعليين حتى اغلقت ابوابهابعد تاريخ طويل من النزاع حولها وسدت نافذه كانت جزءا من تاريخ سوق ام درمان الكبير كانت ملتقى للرياضيين والسياسيين والصعاليك وشذاذ الافاق والعمال من كل المهن وكل انواع البشر كانت صراعا بين شفتنة الجعليين وشدة بأسهم وصعاليك امدرمان ومحتاليها ، وظل مولانا طيلة هذه السنين مرتادا لمسجد امدرمان الكبير وتلقى علوم الفقه والقران واللغه على اشهر علماء الحلقات فى ذلك الوقت طالبا مجتهدا بعد ان تمكن منها صار علمه لغيره ، كان كل رمضان له حلقة علم فى العوضاب يفقه الناس فى علوم دينهم ويوضح لهم المبهم من العبادات فى اسلوب بسيط حبب اليه الناس وصاروا يتشوقون لقدومه ، بعدها كون حلقة علم بمسجد قريب من المنزل الذى يقطن فيه وظل لاكثر من عقدين ونصف من الزمان منارة علم وهدايه لكل جاهل حلقته يكاد المسجد لايسعها من كثرة مرتاديها فهو العالم والمفتى فى المسجد والبيت وصاحب العزائم المبروك ، مولانا علم من اعلام قرية العوضاب فى امدرمان فلا يزال يواصل رسالته فى نشر العلم برغم تقدم العمر وارهاق البصر ...متعه الله بالصحه والعافيه .

نتمنى دوام الصحة والعافية لمولانا

نسال الله ان يمده بالصحة والعافية

مولانا أطال الله بقاءه ..من الرجال الذين تحس عندما تراهم بنور الإيمان يشع من وجوههم ..وهو أيضا من القلة القليلة الذين يجيدون علم الفروض [أول العلوم رفعآ من الأرض]..