دخان الطلح

الدخان فى التراث العربى نوعان البخور المعروف وتطب به الاجسام والثياب والبيوت، والدخان الذى تصطلى به المرأة العربيه بغرض الاستدفاء أو الزينه ،وكلا النوعين عندنا فى السودان ولنساء السودان بهما عنايه فاقت عناية نساء العرب ،وعادة الدخان كادت ان تختفى البيئه العربيه الاعند المرأة السودانيه التى صار الدخان لها من اهم ادوات الزينه ،والنساء حريصات على هذه الصفره المكتسبه وهى صفره محبوبه مشهورة ومذكورة فى التراث حتى انهم يقولون للون الاصفر المشرب بحمره (دخان عزبة )والنساء يطلبن الجمال ويحافظن عليه مهما كلفهن ذلك ولا شى ادل على ذلك من هذا الحريق .
المستعر الذى تجلس عليه المرأة السودانيه اسفله نار تحرق واعلاه دخان يخنق واوسطه غمله وشمله ، واما الشمله فهى ذلك النسيج من شعر الاغنام فانها غايه فى الخشونه وربما استبدلت بها فى زماننا هذا بالبطانيات وهى قطعا ارحم وانعم .
ونحن ربما اشفقنا على النساء من كل ذلك وهو عليهن هين لان العبره بالخواتيم ولابد دون الشهد من ابر النحل ، فالدخان اذا برد حلا وجلا أما (حلا)فحلاوته معروفه لان له عبقا وريحا طيبه بعد التضمخ بالخمره وغيرها من الوان العبير والعطور وهى فى تلك الحال من حلاوة الطيب عن ندى البوخه تصبح كأنها مقصوده ، واما جلا فالدخان يجلو الجسم ويكسوه لونا مشربا بحمره فيصبح اللون الابيض مصفرا والجسم الاسمر كاكاويا ورديا او كالوردى .
وحفرة الدخان من اهم ادوات الزينة بالسودان تكون فى كل بيت وتوضع فيها اخشاب الطلح وتقعد المرأة فوق النطع بعد ان تكون قد لفت نفسها بشمله ثقيله من الشعر لايظهر الا رأسها وهو حمام ساخن ، نعم حفرة الدخان كانت وما زالت من الظواهر التى لاتخطئها العين فى كل بيت فى القريه أو المدينه تجدها دائما اما فى الحوش أو تحت الراكوبه أو فى البرنده ولها عمق واتساع تعرفه النساء بالخبره .
اما النطع فهو بساط دائرى من السعف أو اشبه بالتبروقه أو المصلايه مثقوب فى وسطه يبسط فوق حفرة الدخان فيقابل ثقبه فوهة الحفرة .