وفاة البدوى ود الأمام

كان ذلك فى الستينات وبالتحديد اذا لم تخوننى الذاكرة عام 1961/ واعتقد اننى كنت ابن الرابعة ، بينما كنت الهو والعب بفناء منزل جدى والذى كان فى هذه اللحظة نائماً بالداخل فاذا بعمتى مسرة تدخل حاملة (كسرة بى ملاح خضرة) وطلبت منى ان اتغدى معه فرفضت بأعتبار اننى لم اكن جائعاً وكان جدى طويل القامة يكاد العنقريب لا يسعه من شدة طوله فلزمته عمتنا مسرة ليتناول الطعام لاأنه لا يستطيع القيام بمفرده لتفدم السن ، علماًاننى كنت دائم الحضور مع جدى البى طلباته المتكررة واتناول معه(العصارة بالسمن) بلغة اهلنا الطيبين وعلى هذا الحال وانا منهمك فى لعبى اطارد (ود ابرق) الذى توغل داخل حجرة جدى وركضت خلفه وهنا كانت نهاية جدى فقد شاهدته يشهق اثناء تناوله الطعام وعمتى مسرة تحاول جاهدة مساعدته ان اللغمة تعثرت بحلقه ، ولكن انها النهاية فقد نادى المنادى ، وقد صادف هذا المشهد مرور اعرابى كان يحضر (السعف ) لحبوبتنا المرحومة (بنت الريح) وطلبت منى العمة مسرة ان اناديه فنفذت ذلك وبسرعة، وطلبت منه ان يعاين جدى فقد صمت جدى وقد كان الاعرابى خبيراً على الرغم انه لا يملك سماعة ولم يدرس الطب وامسك بيده واصدر قراره النهائى بان جدى قد فارق الحياة وصاحت عمتى باكية وركضت خلفها وكانت حينئذ اختى الكبيرة تغسل بعض الملابس وحضرت بسرعة وهى تجهش بالبكاء ثم توالت النساء بعد ان عم الخبر وكان اول من وصلا الى حجرة جدى (عمتى امسهمين رحمعا الله واختنا القسيمة اطال الله فى عمرها) وبعد ذلك تقاطرت الجموع رجالاً ونساء وحمى الوطيس ولبست النسوة لباس الرجال وكان البكاء والعويل والردحى بالسيوف والذى انتقل بعد ذلك (للسيال) وامتد البكاء لمدة طويلة بعد ان تقاطرت القبائل زرافات لمكانة البدوى ود الأمام ، والله لم اشهد الجموع التى حضرت مأتم جدى الا مأتم اخى / المرحوم عبد الوهاب مفخرة المحمية وصفوة رجالها فقد كان مأتم عبد الوهاب كبيراً مع نظيره مأتم جدى الامر الذى اضطر معه ابى ان يصدر اوامره لسائق القطار والذى توقف فليلاً بسندة المطمر حاملاً االجموع الغفيرة الذاهبة للقرية لتكملة العزاء ان يتوقف مدة اطول واسنجاب سائق القطار لذلك لا سيما وان ابى كان عسكرياً وكانت آنذاك كلمته مسموعة ، الا رحم الله جدنا البدوى والرحمةلأخى عبالوهاب .

ابو عبد الوهاب

اللهم أبدله دارآ خيرآ من داره وأهلآ خيرآ من أهله وزوجآ خيرآ من زوجه,
اللهم مد لهم في قبورهم مد بصرهم,
اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم
آمييين

[ كان البدوي محمد الامام مفخرة المنطقة كلها ولست العوضاب القرية
لانه كان الحكم والعدل في المنطقة ( رحمه الله رحمة واسعة ومن معه في القبور )]